مصادر

جون فيليبس سيد الفن؛ الورق هو شراعه، الكلمات هي زيوته، والقلم هو فرشاته. لقد أنتج بهذه الوسائل كتب تفسير الاستكشاف وكتب وكتيبات ومواعظ وتأملات ومئات الرسائل السمعية والسيديات من كلمة الله. كانت مصادر جون فيليبس مرافقة للقسس والمعلمين وتلامذة الكتاب في كل مكان والذين عادوا إليها من أجل التعلم والتنوير والإيضاح وحتى التكرار-ولم يرجعوا خائبين.

استكشاف سفر رومية

“كل الطرق تؤدي إلى روما”. كان ذلك قولاً مأثوراً ومثلاً شائعاً في عصر بولس. فقد امتّدت الشوارع الشرايينية الواسعة العظيمة ومفارقها عبر العالم من المعلم الذهبيّ في روما. واستطاع بولس بذلك أن يصل إلى العالم؛ لأنه إن كانت كل الطرق تؤدي إلى روما، فبالتأكيد، كل الطرق تبدأ من روما أيضاً. لذلك كان مُخطِّط الإرساليات المسيحية البارع (بولس الرسول) يكتب اسم “رومية” بالخط العريض في أعلى برنامج رحلاته مرة تلو مرة. وعلى الرغم مما كان يعيقه من عقبات فقد ثابر على مسعاه قائلاً، “ينبغي أن أرى رومية، ينبغي أن أرى رومية.”

استكشاف إنجيل لوقا: سلسلة جان فيليبس التفسيرية للكتاب المقدس

كتاب لوقا هو إصدار آخر للسلسلة التفسيرية المرغوب بها جداً من أحد أكثر المفسرين المرموقين والمُقتدرين بالفصاحة والتعبير في القرن العشرين. يُقَدم د. لوقا في إنجيلِهِ منظور فريد عن حياة المسيح. إنهُ منظور مؤثر ومُلفت للنظر لخدمة يسوع من “داخل الدائرة”.

استكشاف سفر التكوين

لتكوين، كتاب البدايات، وهو كتابٌ أساسي لفهم المواضيع الكُبرى في الكتاب المُقدَّس: الكلمة والإنسان والخطيئة والأمم. في هذا التفسير الأكاديمي المُرَّكَز على الله، يُحيي جان فيليبس سفر التكوين عدد بعدد بينما يُجاوِب عن الأسئلة ويشرح الكلمات العبرية ويفصل المعلومات عن الخلفية ويَصِلها بمقاطِع أخرى من الكتاب المُقَّدس لفهم كامل. تتضمن كتبه ثروة وأسلوب فذان مناسبان لكل من الأكاديميين والعاميين.

سلسلة تفسير جون فيليبس استكشاف افسس

تم تصميم الكتب في سلسلة التعليق جون فيليبس لتزويد القساة ومعلمو مدارس الأحد وطلاب الكتاب المقدس بتفسير مذهبية صوتية يؤكد التطبيق العملي للحقيقة الكتاب المقدس. العمل من نسخة الملك جيمس المألوف ، الدكتور فيليب لا يقدم تعليقا مفيدا على النص فحسب ، بل يتضمن أيضًا خطوطًا مفصلة ، والعديد من الرسوم التوضيحية ، والاقتباسات. أي شخص يرغب في استكشاف معنى كلمة الله في عمق أكبر – للنمو الروحي الشخصي أو كمورد للوعظ والتعليم – سوف يرحب بالتوجيه والرؤى من هذه السلسلة المحترمة.

سلسلة تفسير جون فيليبس استكشاف فيلبي

تم تصميم الكتب في سلسلة التعليق جون فيليبس لتزويد القساة ومعلمو مدارس الأحد وطلاب الكتاب المقدس بتفسير مذهبية صوتية يؤكد التطبيق العملي للحقيقة الكتاب المقدس. العمل من نسخة الملك جيمس المألوف ، الدكتور فيليب لا يقدم تعليقا مفيدا على النص فحسب ، بل يتضمن أيضًا خطوطًا مفصلة ، والعديد من الرسوم التوضيحية ، والاقتباسات. أي شخص يرغب في استكشاف معنى كلمة الله في عمق أكبر – للنمو الروحي الشخصي أو كمورد للوعظ والتدريس – سيرحب بالتوجيه والرؤى من هذه السلسلة المحترمة.

تأمُلات

إن وقت التأمل للمؤمن هو مُهِمٌ جِداً للحِفاظ على المسيرة الشخصية مع الله. ففي تلك الدقائق من الصلاة والتأمُل في الكتاب المُقَدَس، يحصَل المؤمن على الحِكمة الكِتابية والقوة التي يحتاج لها في رحلة حياتهِ.

ستُساعِد هذه التأمُلات المؤمن بينما يتأمل في كلمة الله باحِثاً على إنارة كتابية عملية. لقد اشتهر د. جون فيليبس في الكشف عن الكُتَل الذهبية النفيسة من الحقائق الكتابية. ومحتويات هذه التأملات هي انعِكاس لساعات غير معدودة تم صرفها مع الله وهو يتغذى على كلمَتِهِ. نطلب من الله أن يُباركك ويُشَجِعَك ويُحَفِزَك بينما تُشارِك د. فيليبس في هذه التأمُلات من الكتاب المُقَدَّس.

لقد تحدث بطرس عن ” أشياء اشتهت الملائكة أن تنظر بأمرها.” قد يفتكر المرء أن هناك عدداً كافٍ من الأمور لتنظر بشأنها – مثل إدارة وتوجيه كل إمبراطوريات الله الواسعة في الفضاء! ولكن كلا! لقد جُذِبَ إنتباههم – وهذا غير مستغرب!- فقد جُذِب إلى ابن الله الذي أخلى السماء من أجل الأرض؛ وحالما رجع، فعل روح الله القدوس ذات الشيء.

رغبة الملائكة هذه ليست نزوة عابرة. الكلمة التي يستخدمها الروح القدس للتعبير عن “الرغبة” تعني “رغبة جديّة.” الكلمة “تطلع” تقترح الانحناء للأسفل من أجل فعل ذلك. لذلك رغبت الملائكة أن تنحني من المرتفعات المسببة للدوار حيث تقيم, لتنظر في الأسرار العظيمة لإيماننا. هناك على الأقل خمس أعاجيب كهذه تفتن أولئك الأبناء البارين.

أولاً، لقد اشتهوا أن يتطلعوا على المهد في القش. تخيل مقدار الضجة التي كانت في الأعالي عندما صدرت كلمة حول ابن الله الذي كان ذاهباً إلى كوكب الأرض كيما يصير ابن الإنسان. في لحظة كانت السماء تلتهب بالنار وفي لحظة ثانية كان ذلك الضوء يشع على الماشية حيث كانت العذارء تنجب, ونجم جديد يشع في السماء. هناك في السماء قد انتشرت الأخبار:

بعيداً في المذود، ليس هناك سرير للطفل،
الرب الصغير يسوع ألقى رأسه الحلو؛
تطلعت النجوم في السماء حيث وضِع،
الرب الصغير يسوع، نائمٌ على القش.

يجب أن ينظروا في أمر هذه الأشياء! وهكذا فعلوا! لقد أتوا من الأروقة العالية للنعيم وأحاطوا تلال اليهودية القريبة، مشتهين جدياً بأن يتطلعوا على ما كان يحدث على الأرض. وما هو هذا الشيء الذي أدهشهم بالأكثر؟ إنه عدم اِهتمام الآخرين. لقد علُّوا أصواتهم وأيقظوا أصداء التلال والسهول الغافية. “أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ،” لقد صرخوا، ” مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ … الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ” (لوقا 2: 11، 14). ولم يهتم أي أحد لذلك. نظر بعض الرعاة حولهم بجبن, كان هذا كل شيء.

أوقفت الملائكة أغانيها. لقد حدقوا بخشية وحيرة بالرضيع المسيح، ابن الله المتجسد، صانعهم القدير، الذي صُغِّرَ لحجم إنسان رضيع، قُمِّط بملابس الأطفال، ووضِع في المذود في زريبة الماشية. عادت الملائكة إلى المجد كيما تذيع الأخبار في الأعالي.

انظر إليهم وهم يصلون إلى ضفة السماء. لقد اجتمع الملائكة الآخرون وسألوا: “ماذا عن أبناء الناس؟ ماذا عن ذرية آدم؟ لابد وأنهم شعروا بسعادة غامرة عندما عرفوا أن كوكبهم المحجوز قد تم اختراقه أخيراً، وليس بأحد غير محبوبنا. إدانة زهرة بنت الصبح الساقط صارت مؤكدة. كيف تقبَّل الخطاة الأخبار؟ لابد وأن الأخبار قد انتشرت الآن في كل اليهودية، أورشليم، أثينا، وروما! لابد وأن يكون هناك إنتشار ما في الطريق. من المؤكد أن هيرودس قد تخلى عن العرش. من المؤكد أن أوغسطس أحضر فيالق جنوده لتركع أمام قدميه. لا بد أن طريق بيت لحم مكتظ بالناس التواقة لترى هذه الأمور.”

مهتمين؟ إندفاع؟ في الواقع كلا! لم يهتموا أبداً. في الحقيقة، لم يكن له مكان في الخانات المحلية لذلك أعطوه حظيرة للماشية ليولد فيها، كهف ليس أكثر، مع روث على الأرض وبيوت للعنكبوت، ومذودٍ كسرير. إن البشرية غريبة الطباع. كم محزن هذا! كم قوي هو خناق الخطية!”

وهكذا كان. وهكذا صار. ابن الله أتى، والبعض فقط يبدو أنهم مهتمون.

يُعلن سفر العبرانيين عن الدم الذي “يَتَكَلَّمُ أَفْضَلَ مِنْ هَابِيلَ” (عبرانيين 24:12). لقد صرخ دم هابيل عالياً لأجل عقابٍ، أما دمِ يسوع فيصرُخ عالياً لأجلِ غُفرانٍ.

الدم هو فريدٌ بالتركيبة الكيميائية للحياة، فهُناك سوائل أخرى في الجسم-لُعاب ودموع وعُصارات معوية وإلى آخرِهِ، ولكن جميعها هي إنتاج الجسم. إلا أن الدم هو جزء من الجسم-كما اليدين والشعر هم أجزاء من الجسم، وهو يحتوي على كريات حمراء وبيضاء وهو دائماً بحالة حركة. كُل من الكريات الحمراء التي عددها بالمليارات، تعيش في الجسم قُرابة 120 يوماً ثم تموت ويتم استبدالها.

إن كيمياء الدم مُعقَدٌ جِداً، الهيموغلوبين وحدَهُ يتكون من آلاف ذرات الكربون والهيدروجين والنيتروجين والحديد والأوكسيجين والكبريت. على كُل من هذه الذرات أن تتصِل بالذرات جارَاتِها بطريقة دقيقة ومُعينة، لا يُمكن لمادة كهذه أن “تكون” بالصدفة.

نستطيع في أيامنا هذه أن نُصَنِف أنواع الدم، وقبل أن يتم نقل الدم، على دم المُعطي والمُستَقبِل أن يتطابقا. يعتقد العُلماء الآن أن صنف دم كُل شخص هو مُختَلِف ومُمَيز عن الآخرين كبصمات اليد. هذا هو دم الإنسان، مجرى الحياة للجسم، عظيمٌ بعملِهِ وتكوينهِ.

والآن افتكِر بيسوع ودمِهِ، لأن دَمَهُ مُميزٌ أكثر من دمنا، دم يسوع كان فريداً، لم يجرِ دمٌ كدَمِهِ في عروق إنسانٍ أبداً. لقد تلوث دمُنا بالخطيئة، أما دَمُهُ فلم يتلوث أبداً، بل كان طاهِراً. الحقيقة الأساسية بولادة الرب هي أنهُ وُلدَ ولادةً عذراوية، كان لديهِ أمٌ بشرية ولكن دون أب بشري. عوضٌ عن ذلك، أتى الروح القُدُّوس على مريم؛ وقوة العلي ظللتها، مؤكداً أن دَمَهُ، دم يسوع، حُفِظَ من التلوث. هنا تكمُن النقطة المُهمة- إن الدم الذي يتدفق بعروق الطفل، في حالة التكوّن برحم المرأة، لا يأتي من الأم. دم الطفل هو دَمُهُ الخاص، يُنتَج بداخل جسم الجنين وهو في حالة النموّ. يبدأ تكوين الدم فقط بعد أن يُخَصَّب الجنين، وكُل نُقطة دم للطفل يتم إنتاجها من قِبل الجنين ذاتِهِ. بما أن فصيلة دم الطفل في رحم الأم قد يكون مُختلفاً تماماً عن فصيلة دم الأم، يهتم الجسم بتأمين عدم عبور أية نقطة دم من الأم إلى الطِفل.

لقد ولد يسوع عذراوياً وهذا يعني أنهُ لم يمتلك حتى نقطة واحِدة من دم يوسف في عروقهِ، ولا نقطة واحِدة من دم أمِهِ أيضاً. فالدم الذي كان يجري في عروقِهِ كان دماً فريداً مصنوعاً من العمل المُباشر للروح القدُّوس المُظَلِلْ. لقد كان دماً بلا خطيئة ودماً مَسفوكاً ودماً مُخلِصاً، ويخبرنا الروح القُدُّوس الآن بأنهُ كان دماً مُتكَلِماً. لقد تكلم دم هابيل وقد سَمِعَهُ الله، وكان يُطالِب بالثأر وكان يُطالِب بالعِقاب، صارِخاً عالياً من تُراب الأرض مُطالِباً بالعِقاب. وأصبح قايين القاتِل غريباً وتائهاً في الأرض، مُطارداً من صوت دمِ أخيهِ.

ودم يسوع الثمين كان يصرُخ أيضاً، إذ سُفِكَ من قِبل أنَاسٍ أشرار أيضاً، ولكِنَهُ لم يكُن يصرُخ من أجل العقاب، بل من أجلِ خلاصِنا؛ وهو لا يصرُخ من التُراب، بل من المَجد، من كُرسيّ الرحمة في الأعالي.

في يوم الكفارة السنوي، كان الكاهِن يأخُذ دم الذبيحة إلى قُدس الأقداس ويَرُشها على كُرسي الرحمة. رموز العهد القديم هي دقيقة كما الرياضيات، فالذي كان يُصنع بالرموز بدم الذبيحة، قد صُنِعَ تماماً بدم المسيح. فقد أخذ ذلك الدم إلى السماء ووضعهُ على كُرسي الرحمة الحقيقي (عبرانيين 11:9-28).

آهٍ! فيا لثمن الانسِكاب
الذي يَغسُل كالثلج؛
لا أعرِف ينبوعاً آخر
لا شيء إلا دم يسوع.

“عِيسُو، الَّذِي لأَجْلِ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ بَاعَ بَكُورِيَّتَهُ.” مع الأسف، لقد كان واحِداً من مجموعة كبيرة. فداود باعها من أجل دقيقة واحِدة من الشهوة، ويهوذا باعها من أجل مبلغٍ زهيدٍ، وبُطرُس باعها في أنطاكيا من أجل دمدمة تبجيل سطحي. لقد باع عيسو ما لهُ من أجل صحنٍ واحِد من الطبيخ، كم من السخف أن نبيع خلاصنا الأبدي أو مُكافأتنا الأبدية.

برسائل سكروتيب الشهيرة، يُقَدِم لنا سي. إس لويس وصفة الشيطان للمُتعة. يُشير أحد الشياطين للشيطان الآخر، تلميذِهُ في فن الإغراء، مع أن المُتعة لها استخداماتها للإغواء والاستِعباد، إلا أنها أداة شائِكة الاستخدام لأن الله من اخترع المُتعة وليس الشيطان. كُل ما يستطيع الشيطان أن يفعلهُ بالمُتعة هو أن يُشَوِهها ويَحُث الأشخاص على سوء استخدامها. وهكذا يُكافح الشيطان كيما يُكَوِّنُ شغفاً بداخِلِهم للمُتعة، حتى يجعلهم مُدمنين عليها ويُصبِحون بحاجة للتنشيط أكثر فأكثر، وتُصبِح المُتعة أقل فأقل مُشبِعةً للرغبة. والهدف الأكبر هنا هو الحصول على نفس الشخص مُقابِل لا شيء، فقد حَصَلَ الشيطان على نفس عيسو بالرِخص المُذهِل، مُقابِل “أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ”.

لقد كان يعسو ويعقوب توأمين، وقد ولِدَ عيسو قبل يعقوب بأضيق وقت ممُكن، وبما أنهُ الأخ الأكبر فقد وقف بالدور ليستلم البركة البطريركية. وقد حملت تلك البركة معها حقوق امتلاك أملاكٍ مُعيَّنة وحقوق بطريركية وحقوق كهنوتية أيضاً. إلا أن عيسو لم يَكُون مُهتماً لأيٍّ منها، بخلاف يعقوب, الذي رَغِبها وأصرَّ ليحصل عليها بأي ثمن، ناسياً حقيقة أن الله قد وعد بها له حتى قبل ولادَتِهِ.

لقد كان عيسو رَجُلاً من العالم، فقد أحب الصيد واصطياد السمك والجلوس مع الشباب. كان طموحاً في الحصول على منصِبٍ في هذا العالم، فتزوج بامرأة غير مُخلصة ونحتَ مَوضِعاً لهُ بين الحيثيين. لم يكُن لهُ أي اهتمام لأمور الله، مع أن جَدَّهِ كان إبراهيم وبدون شك أن إبراهيم تكلم معهُ عن خلاصِهِ وكيف كان يبحث عن مدينة لها أساساتِها, بانيها وصانِعها هو الله، كُل هذا بدا كالهُراء لعيسو.

ولكن ليس ليعقوب، لأنهُ بالرَغم من جميع أخطائهِ وسقطاتِهِ كانت أولوياته صحيحة. فإن كان هناك شيئٌ واحِدٌ أرادَهُ يعقوب، فهو بركة الرب في حياتِهِ. إلا أنهُ لم يتعلم بعد، أنه لا يستطيع الحصول على أمور روحية بطُرُق أرضية وعالمية. لهذا هدف يعقوب أن يحصل على حق البكورية بأية طريقة ممكنة، فاستطاع أن يُمسِك بعيسو وهو تعِب وجائع ومُثبط العزيمة، فعرض وعاءً من الطبيخ أمامهُ وختم الاتفاق – بكورية عيسو مُقابل وجبة طعام واحِدة-.

لم يتغير عيسو أبداً، وقد دعاه الله “بإنسانٍ نجس”، لاحِقاً حاول عيسو أن يستعيد ما خَسِرَهُ بوعاءٍ من الطبيخ عن طريق طبقٍ من لحم الغزال ولكِنهُ فَشِل. لقد بقي عيسو رجُلاً نجِساً، رَجُلاً لم يكن لديهِ مكانٌ لله حتى يوم مماتِهِ. تلك “الأَكْلَة الوَاحِدَة” كانت بالحقيقة أكلة مُكلِفة جِداً، كانت بسعر تلك “الغمسة” التي قدمها يسوع ليهوذا في العُلية في ليلة خِيانَتِهِ. لقد كانت اللقمة التي حتمت حتفهُ، لأنه حالما أكلها دخلهُ الشيطان، واحتلت جُهَّنم روحَهُ.

علينا أن نكون حذرين ألا نبيع أرواحنا لتقدِمات مُتَع هذا العالم.

لقد اندفع النبي إيليا العظيم إلى محضر آخاب وإيزابل كالإعصار، وكان معهُ المفتاح الذي يستطيع أن يَحجُز أو يُطلِق الشمس والمطر والرياح والعاصِفة. لقد حَجَزَ إيليا من قبل المطر أمام الأعيُن المذهولة للملك والملكة الشريرَين، فقال: “لاَ يَكُونُ مَطَرٌ!” “لاَ يَكُونُ مَطَرٌ إِلاَّ عِنْدَ قَوْلِي”، ثم خرج كإعصارٍ من المحضَر المُلوكي واختفى عن النظر. وبقيَ مُختفياً لمُدة ثلاث سنواتٍ ونصف بينما وقعت ضيقة عظيمة على البلاد. قال له الله “اخْتَبِئْ”، لاحِقاً سيقول له “تراءَ” فالله بثباتٍ يخفي خادِمَهُ المُختار قبل أن يُظهِرَهُ.

خبأ الله إيليا خلال فترة الثلاث سنواتٍ والنصف هذه في وادٍ ثم عن طريق أرملة. طورَ إيليا إيماناً يستطيع أن يَهزُم الجفاف من خلال جدولٍ مُلتوٍ، كما طورَ رجاءً يستطيع أن يَهزُم اليأس من خلال كوارٍ تالِف في مطبخٍ فارِغٍ لأرملة، وطور إيليا إيماناً يستطيع أن يَهزُم الموت من خلال ابن الأرملة. عندما يتعلم شخصٌ ما هذه الدروس، يستطيع الله أن يستخدِمَهُ كما استخدم القليل من قبلهِ أو بعدهِ. لقد كان إيمان إسرائيل ناشفاً كذلك الجدول، وأمل إسرائيل كان تالِفاً كذاك الكوار التالِف، وحُب إسرائيل كان مائتا ًكذاك الولد. عندما تعلم إيليا شخصياً كيف يتعامل مع هذه الأشياء، استطاع أن يتعامل معها علانية.

ولكن دعنا نصرف وقتاً مع ذلك النبي العظيم بينما كان يجلُس قُرب ذلك الجَدول المائت في ذلك المكان المخفي بعيداً عن المُلازمة ومسكن الناس. ودعنا نَذكُر كلمات الله لخاصَتِهِ عن الغُراب، حيث قال: “تَأَمَّلُوا الْغِرْبَانَ…” (لوقا 24:12-28). بالتأكيد كان إيليا يتأمل الغُربان في تلك الأيام بالقُرب من الجدول، فقد كان ينتظر زيارتهم مرتين في اليوم.

لا بُد أن إيليا تأمل لونها، سوداء ولماعة، وبدون شك كان إيليا يفتكر بشُولَمِّيثُ، بنشيد المولود من روح سُليمان، وفي وصفِها لمحبوبِها حيثُ قالت: “قُصَصُهُ مُسْتَرْسِلَةٌ حَالِكَةٌ كَالْغُرَابِ” (نشيد الأنشاد 5:11). كان ذلك الذكر يأخُذ روح إيليا كعاصِفة لأن كلمات شُولَمِّيثُ وصلت إلى ما أبعد من محبوبها الشخصي، لأنها دلت إلى آخر، الذي سيأتي قريباً، ذلك الذي كان محبوب شُولَمِّيثُ رمزاً لهُ. أصبح لأفكار إيليا أجنحة، من الغُربان التي تزورُهُ ومن محبة الراعي لشُولَمِّيثُ، كانت أفكارهُ تُحَلِق عِبر العُصور من محبوب شُولَمِّيثُ إلى محبوب المساء، لذا ألوان الغُراب وحدها ذكرت النبي الوحيد بالمسيح.

ثم تأمل صُراخها، بينما كانت تضع تقدِمتها عِند قدميهِ وطارت بعيداً مُختفية في غروب الشمس، ربما كان إيليا يفتكر بكلمات المُرَنِم ” أَجِيبُوا الرَّبَّ بِحَمْدٍ. رَنِّمُوا لإِلهِنَا بِعُودٍ… الْمُعْطِي لِلْبَهَائِمِ طَعَامَهَا، لِفِرَاخِ الْغِرْبَانِ الَّتِي تَصْرُخُ.” (مزمور 9،7:147). صحيح أن الغِربان هي التي قدمت الطعام في البرية، ولكن كان الله من هيأ الوليمة.

بالإضافة كان يتأمل شخصيتها، حيث كان يخطُر في بالِهِ القانون اللاوي، حيثُ كان موسى صريحاً ومؤَكداً بأن الغُربان غير طاهِرة: “وَهذِهِ تَكْرَهُونَهَا مِنَ الطُّيُورِ… وَكُلُّ غُرَابٍ عَلَى أَجْنَاسِهِ،” (لاويين 13:11، 15) فقد كان الغُرَاب طائراً نجِساً بطبيعَتِهِ.

كانت الطيور السوداء النجِسة تُذَكِر إيليا بالمَقت، بالآلِهة الغريبة، التي دخلَت مُنتَصِرةً إلى إسرائيل، مُحَفَزةً من قِبل إيزابل ومُشَجَعة من قِبل المِئات من كهنة بِلاطِها المُلازمين لها. كان يجمع شجاعَتَهُ بينما كان يُشاهِد الغُربان يأتون من بعيد، فإن كان الله يستطيع أن يُطَهِر الغُربان ويجعلهم خدماً لهُ، فلا يعسر على الله أمرٌ. لقد تحدى طبيعة هذه الطيور وجعلها تُحضِر له اللحم والخُبز ليأكُل مرتين باليوم، كذلك يستطيع الله أن يُغير قلوب الإسرائيليين الخاطئة.

وأخيراً، كان النبي يتأمل اتجاههم بينما كان يُراقِبُهم يحومون ويقتحمون السماء، فيذكُر أول ذِكر للغربان في الكتاب المُقَّدَس، حيثُ أعطاها الله مكاناً في الفُلك؛ ولكن في أول فُرصة مُمكِنة، مضت عائدةً إلى بريتها وإلى طُرُقها الجسدية والفاسِدة. بعكس الحمامة، التي عادت بكُل حماس إلى الفُلك بعد طيرانها، بينما الغُربان فضلت عالماً آخر كان الموت سيداً عليه.

إذاً، وبينما كان يَجلس بجانب الجدول، كان إيليا يتعلم دُروساً من الغُربان؛ وهكذا نما إيمانُهِ بقوة. لم يَكُن هناك شيئٌ صعبٌ على الله، والرَجُل الذي كان ينظُر إلى السماء من أجل طعامهِ، سيُصبِح بعد قليل مُستعِداً أن ينظُر إلى السماء من أجل نارهِ.

لم يقم بهذا الفِعل من قبل، ولن يقوم بذلك مرة أخرى، ولكن لدقيقة مجيدة وغريبة، مشى بطرس على الأمواج، وكانت الأمواج كالإسمنت تحت قدميهِ، حتى بينما كانت تتدحرج كالمدحلة. كان بطرس على ما يُرام، إذ لم ينظر إليها. لقد احتاج إلى دقيقة ليجمع توازُنهُ ويتمكن من المشي على منصة مُتحرِكة، ولكن مع ذلك استطاع أن يمشي. وهذه تتضمن قصة، وبالحقيقة لدينا هنا ثلاثة مشاهِد للمُعاينة.

أولاً هناك مشهد العِرضة للخطر، فقد كان يوماً عظيماً للتعليم المُتسامي، تعليماً لمس قلب وصميم الروح. ولكن بالسر كان الجميع يأمل بأعجوبة-واحدة تكفي للوقت الحاضِر! ويا لها من مُعجِزة عندما حَضُرت! فها هو الرب، وها هو الفتى، وها هي الأرغِفة التي كوَّنت الغذاء القليل للفتى، ثم قُدِمت برحابة صدر للسيد. وفجأةً أصبح هناك خُبزٌ يكفي ويزيد ليُطعِم أكثر من عشرة آلاف شخص جائع! ليس من العجب أن الجميع في ذلك المكان أرادوا أن يُتَوِّجوهُ ملكاً آن ذاك! إلا أن الرب بسرعة نزع فتيل تلك العبوة الناسفة، فأرسل تلاميذه بعيداً، أولاً لأنهم كانوا مُتحمسين كالجميع. ثم بقيَ هو هناك ليصرِف حشد الجموع المُتحمسة بهدوء وبشكلٍ فعَّال.

ثم قال للتلاميذ “أسبقوني يا رجال، سأوافيكم على الجانب الآخر”. وهكذا ذهبوا، وبعد فترة قصيرة، خفت شفق المساء؛ وأتى الظلام. يا لهُ من موقف-جرفٌ في بحر الحياة الهائج، دون المسيح وفي الظلام، ظلامٌ تَبِعَهُ خطر. فأتت العاصِفة ويا لها من عاصفِة! والعديد من التلاميذ لديهم خبرة قديمة في ملاحة البُحيرة، كانوا يعلمون مدى خطر العاصِفة على بحر الجليل، وعلموا أنهم عرضة للخطر.

لكنهم نسوا أنهم في وسط إرادة الرب، فإرادَتُهِ قد وضعتهم في ذلك المكان المُعَرَّض للخطر. وتَدَخُلُهِ قد حفظهم من ذاك الخطر. لقد كانوا في أأمن مكان في العالم، في تمام مركز إرادَتِهِ لهم، في ذلك المكان والزمان.

يصف المشهد التالي الذُعر، فقد كانوا مشلولين من الخوف. فعصفت الرياح وهاجت الأمواج وقُذِفت السفينة الصغيرة هنا وهناك. لقد شاهدوا، هناك بعيداً خلف المياه: شكل إنسانٍ يتسلق قِمم الأمواج الهائجة ويتغلب على أعمق الأغوار. شبحاً! لا ننسى بأن هذه البُحيرة كان مسكونة بالأرواح، فعلى شواطئها قد انتهر المسيح العديد من الأرواح الشريرة، فصرخ التلاميذ برُعب. ثم أتى سلامَهُ المُرَّحَب: “أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا”، فهرب خوفهم، إذ قد أتى يسوع.

يَحضُر بنا كُل هذا إلى مشهد بُطرُس، بطرُس المُندفع والمُتَهَّوِر! أنظُر إلى رَغبَتِهِ، فرغبَتُه كانت أن يمشي على تِلك الأمواج، أن يكون كيسوع، وأن يكون مع يسوع، مرحى لك يا سمعان بطرُس!

لاحِظ قرارَهُ، دعاه الرب أن يأتي، فقفز بطرس برجليهِ عن جانب القارب ووضعهما على أقرب موجة وأفلت القارب! لقد كان ذلك أشجع عمل فعلهُ قبل يوم الخمسين. مرحى لك يا بُطرُس!

لاحِظ أيضاً يأسَهُ، خطوة ثم خطوتين، كان من الصعب تصديق ما يحصُل. ثُم، وللحظة، ولتشَتُت أفكارهِ بسبب العاصِفة، حرف نَظَرَهِ عن يسوع-وغَرِق! فصرخ “يَا رَبُّ، نَجِّنِي!” تلك الجُملة هي الإنجيل بثلاث كلمات، وهذا تماماً ما حَصَل عليهِ.

عندما نفتكر بالأمر، فقد كان هذا أفضل ما حصل، بمعزلٍ عن اليأس المُفاجِئ، فمن المُحتَمل أن يتفاخر بطرُس لاحِقاً بتجرِبَتِهِ، رُبما ابتدأ ديناً ما. هزيمةٌ تجعلنا مُتواضعين هي أفضل من انتصارٍ يجعلنا فخورين.

تقديم تبرع

تهدف خدمة جون فيليبس حول العالم لجعل سلسلة د. فيليبس التفسيرية مُتوفرة في الولايات المُتحِدة وفي جميع أنحاء العالم-وخصوصاً في دول العالم الثالث حيثُ الوصول لمعلومات كتابية صحيحة محدود جِداً. نحن ملتزمون أن نُترجم العديد من كتب د. فيليبس للغات عِدة، كما يسمح لنا الله مادياً. لذا ندعو شعب الله، الذين وضِعَ على قلبِهم، أن يُشاركوا في هذا السعي المُثير والمُستحق. جميع التبرعات قابلة لخصم الضريبة.

اتصل بنا